إن قضية الاسرى الفلسطينيين في معتقلات وسجون الاحتلال , هي من اكثر القضايا التي تمس كل بيت فلسطيني , فلا يكاد يخلو بيتا فلسطينيا الا وبه معتقلا او اكثر على مدار سنوات الاحتلال الطويلة , وهناك احصائيات دقيقة تؤكد ذلك . ان ما يعانيه الاسرى في باستيلات العدو لايمكن وصفه بكلمات او اختزاله بعبارات .. انه الموت اليومي ..انه القهر والحرمان والعذاب المتواصل على مدار الساعة وبكافة الاشكال والالوان .. ومع ذلك فأسرانا الابطال جسدوا وما زالوا يجسدون اروع ملاحم الصمود والاصرار على الحياة .. انهم متمترسون خلف عدالة قضيتهم ويدافعون عنها بكل عنفوان .. لا بيخلون بدفع اغلى الاثمان من اجل لمحافظة على صمودهم وبقائهم..انهم _ الاسرى والمعتقلين _ قدموا ومازالوا يقدمون اغلى التضحيات ففي كل لحظة يواجهون اصناف القهر والحرمان ويتعرضون لأصناف العذاب على ايدي الجلادين الصهاينة ويتعرضون لقمع وقتل بمختلف الالوان فمن منع للنوم الى حرمان من ابسط الحقوق الى العزل وسلب الانجازات وحرمان الزيارات وتضييق الخناق الى الرش بالغاز واطلاق الرصاص ومصادرة اشيائهم البسيطة .. ومحاولة العبث والعبث حتى بأحلامهم وحالات الصفاء والركون الى الحال ..
ان ما يتعرض له الاسرى الفلسطينيين من الوان العدوان والاعتداء من قِبَل ادارات السجون ” الاسرائيلية” لايمكن وصفه كاملا بحال من الاحوال لشدة هوله ولكونهم يخترعون كل لحظة اسلوب ووسيلة .
اما اهل المعتقلين وذويهم واقربائهم من الدرجة الاولى فهم وحدهم من يُعاني ويذوق مرارة الاعتقال ولوعة الفراق وحصرة والم بُعد الاحبة والاحباب .. لا اظن ابدا ان قضية الاسرى قد وجدت تفاعُلا واهتماما من جانب الهيئات والجهات المعنية بهم ولا بأي حال من الاحوال , حيث ان وُجِدَ نوع من الاهتمام فهو لا يعدو كونه اقل القليل ونُذرا يسير مما يجب ان يكون , فالتقصير من الجميع وعلى كافة المستويات ولا استثني احدا ..
اننا لا نقوم بما يفرضه علينا الواجبل الديني و الوطني والانساني والاخلاقي والقيمي تجاه هؤلاء الابطال الرابضين في الاسر حيث يتعرضون على مدار اليوم لكل اشكال الموت على ايدي اعداء الانسانية الصهاينة .
ان الوقوف الىجانب الاسرى لايصح ان يكون وليد انفعالات هنا اوهناك اوبسبب خبر تتناقله وسائل الاعلام عن حدث او احداث في هذا السجن او ذاك المعتقل لايجب ان تُدار الامور بهذه الكيفية وعلى هذه الارضية ومن ذلك المُمنطلق , بل الواجب ان توضع اليات وبرامج وخطط بعيدة المدى ومدعومة من كافة شرائح الشعب ليتم تنفيذها على مدار الساعة تتخذ الضغط ثم الضغط على العدو الصهيوني من اجل اطلاق سراح هؤلاء الاخوة والابناء والاخوات الذين ذاقوا المُر وتجرعوا العلقم .. وما يزالون .
الاسرى .. واجبنا تجاههم وحقوقهم علينا كثيرة وجمّة ولا بُدّ من ان نكون اهلا لِما يُمليه علينا الواجب الوطني فنقف ُ الى جانبهم ونساند نضالهم ونعمل على نشر وتوضيح معانياتهم . لابد لنا من تشكيل وسائل ضغط على جميع الاطراف وبكافة الاتجاهات حتى نتمكن من العمل على اطلاق سراحهم واعادتهم الى احضان امهاتهم وابنائهم واهاليهم وحتى ينعموا بالحرية التي ما دخلوا السجون وذاقوا الاسى والمرارة الاّ من اجل ان يحققوها لنا ..
من اين نبدأ وكيف السبيل الى تحقيق ذلك ؟ بكل تأكيد هو الشارع والشارع وحده الذي بأمكانه احداث كل انواع التغيير وقلب الموازين , فالاعتصامات والمسيرات والاضرابات وعدم مغادرة امكنة الاعتصامات ولو استمرت شهورا وشهور وعلى شرط مشاركة جماهيرية واسعة وغير مسبوقة تتمتع بطول النفس وبالنفس الطويل اللا متناهي ..
ان الشعوب الحية هي التي لا تسكت على الظلم ولا تتخاذل في نصرة قضاياها الوطنية وايصالها الى العالم وبكافة السبل والى كافة المحافل ولا تتوانى عن التضحية الحقيقية وتقديم المطلوب لتحقيق اهدافها ومراميها وغاياتها , والشعوب العظيمة هي التي تُدافع عن قضايا عظيمة ايضا , وقضية الاسرى والمطالبة بحريتهم والعمل على اطلاق سراحهم لهي من اعظم قضايا شعبنا ولا يحق لنا تركهم تحت السماء والطارق يعانون ما يُعانون من قتل وظلم وذل وهوان …, ونحن ننعم بما هم محرومين منه …فلا بد من وقفة شعبية تضم كافة شرائح المجتمع وتلاوين شعبنا السياسية والحزبية من اجل تشكيل وتكوين رافعة قوية لأسناد قضية الاسرى والمعتقلين , وليس هذا فقط .. بل ومن اجل كسر قيدهم واطلاقهم للحياة لينعموا بالحرية , ومن المُعيب ان تبقى رؤوسنا مدفونة في رمال الهروب من المسؤولية والتقاعس والتخاذُل والردى …
رائده بدران