المؤلف
وفاء أحمد
النوم الطبيعي حاجة صحية و حيوية للجسم.. أما إذا اعتراه الأرق، فإن تداعياته تؤدي إلى الاكتئاب، وهو مرض نفسي إذا تفاقم فإنه يدفع صاحبه إلى قتل نفسه.
وهناك أناس يلجأون إلى المهدئات إذا ما أصابهم الأرق، وبخاصة الحبوب المنومة.. وهذه الحبوب المنومة قد تنفع في بعض الظروف ولبعض الأشخاص، غير أن الأطباء ينصحون بعدم تناولها لمدة تزيد على ثلاثة أسابيع، وإلا أصبح الأرق أكثر ديمومة وخطورة.
وإذا ما أراد المدمن على تناول المهدئات أو الحبوب المنومة، التوقف عن تناولها فيجب أن يكون ذلك تدريجياً، وتحت مراقبة الطبيب، فهو الذي يحدد له كيفية تخفيف وتوزيع الجرعات، والتي تكون عادة خلال أسبوعين إلى ثمانية أسابيع.
كيفية الحصول على نوم طبيعي
هنا بعض الإرشادات والنصائح للدكتورة الفرنسية آيلين فوشيه، للحصول على نوم طبيعي نشرتها في مجلة "الصحة والطب" وترجمتها إلى العربية الاختصاصية السورية في مجال الإرشاد النفسي لينا تقلا:
تغيير نمط الجهاز العصبي:
اضطرابات النوم حالات معقدة دائماً.. وهي تدل على اضطراب في نمط عمل الجهاز العصبي، وإن إعادة نمط عمل الجهاز العصبي هذا إلى طبيعته يحتاج دائماً إلى بعض الوقت، خصوصاً إذا كانت المشكلة مزمنة.. حيث لا يمكن حل مثل هذه المشكلة بين يوم وآخر. ومهما كانت الطريقة اللطيفة المتبعة، بما في ذلك الاسترخاء، يجب على المرء التحلي بالصبر.
التباطؤ وإزالة الضغط تدريجياً:
لا يمكن الانتقال بسهولة من النشاط الزائد إلى الراحة، وعليه لا بد من التباطؤ وإزالة الضغط تدريجياً. ويجب أن يهدأ الجسم وينتقل الدماغ من حالة التنبه إلى حالة الاسترخاء.
ويعني تغيير نمط الحياة تنظيم "ممر نفسي" بمعنى تبديل الأفكار، بحيث يهتم المرء بنفسه ويمنحها وقتاً مريحاً ولو لفترة قصيرة، وهذا أمر بديهي ولكنه فعال.
والهدف هو إحداث انقطاع يتصف بالسرور قدر الإمكان، بين النوم والحياة النشطة.
لا رياضة مرهقة ولا مشي سريع:
يعتبر النشاط الجسدي طريقة ناجعة لإزالة الضغط، ولكن بشرط عدم الإفراط. والمشي أو السباحة ببطء يؤديان إلى استرخاء عضلي جيد. غير أن المشي السريع (ما يسمى بتدريب القلب) والهرولة لا يوصى بهما على الإطلاق في نهاية النهار، كما لا يوصى بأي نشاط من شأنه أن يزيد من تنشيط القلب، وأن يحرض الجهاز القلبي الوعائي أكثر من اللزوم.
الاعتماد على ساعة الاستيقاظ:
إذا كنت تستيقظ وأنت بكامل حيويتك بعد نوم استمر 5 أو 6 ساعات فقط، ليس من الضروري أن تلزم نفسك بالنوم المبكر. فأي ضغط على النمط الطبيعي لديك قد يحدث مشكلة أرق.
والحل هنا هو تعيير مدة النوم ليس اعتباراً من ساعة النوم، ولكن اعتباراً من ساعة الاستيقاظ.فقد تستيقظ مبكراً خلال بضعة أيام، بينما تؤخر تدريجياً ساعة نومك. وبعد تعيير ساعة ومدة النوم على هذا النحو، يجب المحافظة على توقيت منتظم إلى أبعد حد ممكن.
الاسترخاء وتقنياته:
تقنيات الاسترخاء تؤثر في الناحية الجسدية وفي الناحية النفسية، وبالتالي فهي ممتازة للمساعدة على التخلص من الإجهاد والوصول إلى حالة الراحة. وجميع هذه التقنيات مبنية على مبدأ الاستماع إلى الجسم لجعل العقل يسترخي والاسترخاء يشكل طريقة جيدة لتهدئة النفس بشكل طبيعي. ومن طرق الإسترخاء لتقليل الإجهاد النفسي
وتقنية الاسترخاء المسماة "سوفرولوجيا" غير معروفة بشكل جيد حتى الآن، وهي تسمح بجعل الدماغ يعمل على موجات "ألفا" أي يصبح في حالة هدوء أكثر، وهي حالة وسطية بين اليقظة والسبات ما يجلب الإمكانيات الإيجابية المتوفرة في اللاشعور. وعن طريق اختبار النوم وتجربته من خلالها، تكون قد دربت نفسك على النوم "الحقيقي" وتستعمل هذه التقنية بنجاح في عدد من مراكز المستشفيات ومراكز المعالجة بالماء، ضمن إطار العلاج المسمى "بحر النوم" وذلك بالاشتراك مع جلسات استرخاء في حوض يحتوي على مياه البحر. وتقنية "السوفرولوجيا" تطبق من قبل طبيب أو اختصاصي في علم النفس في جلسات يفضل أن تكون إفرادية بغية معالجة مشاكل النوم.
لذة النوم:
كل شخص له إجراءات خاصة يتبعها للوصول بهدوء إلى النوم ولو أدى ذلك إلى تغيير عاداته.. فهنالك تخفيض الأنوار وتغطية الصور وتوقيف الأصوات وملء المغطس وإشعال شمعة معطرة. وكل ما يساعد على التهدئة يعتبر جيداً. لذا عليك أن تفصل نفسك تدريجياً عن نمط النهار لتدخل بهدوء في نمط الليل. و لمعرفة المزيد عن مصطلح نظافة أو جودة النوم
والنوم السيىء يتعس الحياة، غير أنه قبل الاستسلام للمنومات هل أنت واثق بأنك لجأت إلى جميع الحلول الطبيعية الممكنة؟
إجعل غرفة نومك حالمة:
من الناحية الرمزية والواقعية على السواء، يجب أن تظل غرفة نومك مكاناً يتصف بالهدوء والراحة. والنوم في غرفة مهواة وبعيدة عن الضوضاء ومرتبة أسهل بكثير من النوم في غرفة دافئة أكثر من اللازم أو مضاءة أكثر من اللازم.
تعتيم غرفة النوم:
يجب، وبشكل خاص، التفكير في إغلاق الستائر حتى تصبح الغرفة ظليلة. والتناوب بين النور والظلمة ضروري لجسدنا من أجل تنظيم دوراته المختلفة المرتبطة بالنوم واليقظة.
والظلمة تحرض الجسم على تركيب الميلاتونين، وهو هرمون النوم، بينما النور يثبطه. والغدة الصنوبرية الموجودة في منتصف الدماغ هي التي تنتج الميلاتونين ويتم تحريضها أو تثبيطها بواسطة العين حسب شدة الإنارة. ولقد تم قياس هبوط مفاجئ في معدل الميلاتونين كلما جرى إشعال النور خلال الليل.
إغلاق التلفاز:
توجد أدلة تشير إلى أن النور المنبعث من شاشة التلفاز يعطي مفعولاً سلبياً على الغدة الصنوبرية في جميع الأحوال. وبما أن الهدف هو جعل الجهاز العصبي ينتقل إلى طور الراحة، يجب فصل عينيك وأذنيك عن المؤثرات إلى أبعد حد ممكن، أي تخفيض شدة المهيجات الحسية. ويجب الامتناع أيضاً عن التهيج النفسي. ولا يجوز مشاهدة فيلم رعب قبل النوم، ويجب الانتباه أيضاً إلى عدم مشاهدة الأخبار التي ترد فيها صور مرعبة وبرامج المناقشات التي تثير الجدل بشكل مزعج. وجميع الانفعالات القوية (ما لم تكن مفرحة) لا يوصى بها لمن يعانون من اضطرا بات في النوم.
تلطيف جو غرفة النوم:
قبل أن تنام بمدة كافية، عليك أن تشغل جهاز تبخير الزيوت (العطور) ويجب اختيار أكثرها تهدئة مثل عطر الخزامى وعطر الحمضيات اللطيف. ومزيج من الزيوت الأساسية للمندرين والبرتقال والليمون من شأنه أن يساعدك على النوم. وأما مزيج المندرين (المهدئ) والأوكاليبتوس (المطهر) فإنه يعتبر نموذجياً من أجل تطهير جو غرفة النوم والمساعدة على النوم.
ومزيج الليمون والالجيرانيوم يفيد في إزالة روائح التبغ، وهو يقوم بتبخير هذه الزيوت بشكل جيد دون أن يفككها، وفي النهاية لا تنسى إطفاءه.
حمّام الليل:
حمام الليل يعطي الأمل في النوم نوماً هادئاً. فالمياه الدافئة تهدهدك وتلاطفك فتتلاشى توتراتك. وإذا أضفت إلى المغطس بضع نقاط من الزيت الأساسي للخزامى أو المليسة، الذي يتمتع بمفعول مهدئ للتوتر النفسي، فإن توتراتك تخف وتصبح مهيئاً للنوم بهدوء وأنت ما زلت في الحمام.
تبديد التوترات وإزالتها:
يمكنك القيام وأنت مستلق على سريرك بعمليات تدليك صغيرة وسريعة لمؤخرة العنق وأعلى عضلات العين، ما يجعل التعب يتلاشى، ويجب التدليك بطريقة العجن الخفيف والانسيابي.
ومما يزيل الإجهاد أيضاً إلى حد كبير تدليك اليدين إصبعاً إصبع، ومن ثم تدليك الكف وملامسة كامل منطقة عظم القص والرقبة.
هذا التدليك يصبح أكثر فائدة إذا استعمل معه زيت اللوز الحلو، مضافاً إليه بضع نقاط من زيت البابونج.
اتخاذ الوضعية الجيدة للنوم:
بعض الأذيات المفصلية في العنق (حتى إذا كانت خفيفة) تجعل المرء يتخذ وضعية سيئة للرأس أثناء الليل. لذا يجب استبدال الوسادة الضخمة بمخدة صغيرة توضع تحت الفقرات الرقبية وكل شيء يصبح أفضل.
الاستماع إلى الموسيقى الهادئة:
يجب عدم الاستسلام للأرق والبقاء في السرير. وإذا ظهر لك أنك لا تستطيع النوم فلا تظل قلقاً وأنت مستلق في السرير، بل انهض وانتقل إلى غرفة أخرى (مظلمة إذا أمكن) واستمع إلى الموسيقى بانتظار عودة طور النوم التالي. وفي قرارة نفسك، تصورات سريرك وغرفة نومك يجب أن تبقى مرافقة لما هو هادئ ومولد للاطمئنان. فالموسيقى تعالج الأمراض النفسية و الإصابات الدماغية
فائدة الحليب الساخن:
فنجان من الحليب الساخن قبل الذهاب إلى الفراش يساعد على النوم. وبخاصة إذا أضيف له بضع قطرات من العسل أو زهر البرتقال. حيث يحتوي الحليب على حمض أميني هو التريبتوفان وهو يعمل كأساس لتركيب الميلاتونين في الجسم. ونفس هذه المادة موجودة في الحبوب والبيض واللحم.
والسكر يزيد أيضاً معدل الميلاتونين. من هنا جاءت فكرة إضافة بضع قطرات من العسل. أما ماء زهر البرتقال فهو معروف بخواصه المخدرة منذ زمن طويل.
وعموماً كلما كانت وجبة المساء خفيفة كلما سهل هضمها. ويجب عدم تناول القهوة أو الشاي بعد الساعة السادسة. ويجب أن نتذكر أن الكحول والتبغ هما أيضاً مهيجان.
ولا بد من الانتباه لعصير الفواكه المحتوي على كميات كبيرة من الفيتامينات، والذي يتم تناوله قبل أو بعد الرياضة.
التداوي بالنباتات:
تتميز نباتات الليل بمفعولها المهدئ دون أعراض ثانوية. فهي لا تؤدي إلى الإدمان أو إلى اضطراب النوم العميق كما تفعل المنومات الكيماوية.
وكل واحدة من هذه النباتات تعمل بطريقتها الخاصة: حشيشة الدينار والايكولتسيا مرخيتان للأعصاب.
أما الناردين (الجذور) فيوصى بها في حالة التعب والإرهاق إذ تؤثر في الجهاز العصبي المركزي (علاج قصير المدة) والبالوت وزهرة الآلام تخففان التوتر العصبي والإحساس بالقلق لدى الأشخاص الذين يستيقظون في وسط الليل.
وزهرة الزعرور البري تعتبر مادة منومة خفيفة يوصى بها للذين يشعرون بخفقان (بعد استبعاد أي مرض عضوي) في القلب. وجميع هذه النباتات تساعد على استعادة الهدوء من أجل الوصول إلى مرحلة النوم دون أن يشعر المرء بالنعاس والخمول بعد الاستيقاظ.
تعطى هذه النباتات كمغلي، أو كخلاصة، على شكل نقاط أو وجبات أو حبيبات، ويجب تناولها قبل وجبة المساء حتى يتاح لها الوقت الكافي لإعطاء مفعولها.وإذا لزم الأمر يمكن تناولها ثانية قبل النوم مباشر.
المصدر: نُشرت هذه المقالة في مجلة بلسم.